الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

من أرشيف التأملات لعام 1941 بقلم الإمام الشهيد حسن البنا

يشرفنى أن أستضيف على مدونتى تأملات لفضيلة الإمام الشهيد حسن البنا ..رحمه الله .


إننا في أخصب بقاع الأرض وأعذبها ماءً، وأعدلها هواءً، وأيسرها رزقًا،وأكثرها خيرًا، وأوسطها دارًا، وأقدمها مدنية وحضارة وعلمًا ومعرفة، وأحفلها بآثار العمران الروحي والمادي والعملي والفني
وفي بلدنا المواد الأولية والخامات الصناعية والخيرات الزراعية وكل ما تحتاج إليه أمة قوية تريد أن تستغني بنفسها وتسوق الخير إلى غيرها، وما من أجنبي هبط هذا البلد الأمين إلا صح بعد مرض واغتنى بعد فاقة وعز بعد ذلة وأترف بعد البؤس والشقاء.. فماذا أفاد المصريون أنفسهم من ذلك كله؟ لا شيء.. وهل ينتشر الفقر والجهل والمرض والضعف في بلد كما ينتشر في مصر الغنية مهد الحضارة وزعيمة أقطار الشرق غير مدافعة؟!




1 ) الفلاحون في مصر يبلغون ثمانية ملايين، والأرض المنزرعة نحو ستة ملايين من الأفدنة وعلى هذا الاعتبار يخص الفرد الواحد نحو ثلثي فدان.




(2)إن أربعة ملايين من المصريين لا يحصل أحدهم على ثمانين قرشًا في الشهر بشق النفس، فإذا فرضنا أن له زوجة وثلاثة أولاد وهو متوسط ما يكون عليه الحال في الريف المصري بل الأسر المصرية عامة، كان متوسط ما يخص الفرد في العام جنيهين، وهو أقل بكثير مما يعيش به الحمار، فإن يتكلف صاحبه (140 قرشًا خمس فدان برسيم و30 قرشًا حملاً ونصف الحمل من التبن و150 قرشًا أردب فول و20 قرشًا أربعة قراريط عفش ذرة ومجموعها 340 قرشًا) وهو ضعف ما يعيش به الفرد من هؤلاء الآدميين في مصر، وبذلك يكون أربعة ملايين مصري يعيشون أقل من عيشة الحيوان.




( 3 ) شركات الاحتكار في مصر قد وضعت يدها على مرافق الحياة والمنافع العامة، فالنور والمياه والملح والنقل ونحوها كلها في يد هذه الشركات التي لا ترقب في مصري إلاّ ولا ذمة, والتي تحقق أفحش الأرباح وتضن حتى باستخدام المصريين في أعمالها.
لقد بلغت أرباح شركة المياه منذ تأسست في 27 مايو سنة 1865 إلى سنة 1933 عشرين مليونًا من الجنيهات، وقد بلغ التفريط والتهاون بالحكومة المصرية أن باعت حصتها في أرباح الشركة في عهد وزارة رياض باشا (وكان ناظر الأشغال حينذاك محمد زكي باشا) بمبلغ عشرين ألفًا من الجنيهات مع أن حصتها في صافي الربح من تاريخ البيع وهو 10 يوليو سنة 1899 إلى سنة 1934 فقط مبلغ مليونين ونصف من الجنيهات.




( 4 ) لقد استقبلت العيادات الحكومية المصرية سنة 1934 (7.241.383) مريضًا منهم مليون بالبلهارسيا، وأكثر من نصف مليون بالأنكلستوما، ومليون ونصف بالرمد، وفي مصر 90 في المائة مريض بالرمد والطفيليات، وفيها 55.575 من فاقدي البصر، ويكشف لنا الكشف الطبي في المدارس وفي المعاهد وفي الجامعة ـ ومنها الكلية الحربية ـ حقائق عجيبة عن ضعف بنية الطلاب وهم زهرة شباب الأمة، وكل ذلك في أمة علمها نبيها أن تسأل الله أن يعافيها في أبدانها وفي سمعها وفي بصرها.




(5)وقد انحط مستوى الخلُق انحطاطًا عجيبًا فقد بلغ عدد الذين حوكموا بجرائم تخالف القانون في سنة 1938 أكثر من مليون مصري ومصرية دخل منهم السجن زهاء مائة ألف أو يزيدون، عدا من لم تصل إليهم يد القضاء ولم تعرف جرائمهم بعد.
هذا مع جرأة كثير من الشبان وغير الشبان على المخالفات الدينية التي لا يؤاخذ عليها القانون الوضعي كشرب الخمر والإقبال على القمار واليانصيب والسباق ونحوها، والعبث وما إليه مما لا يحصيه العد، بدون خشية ولا حياء.
(6)ومع أننا فقدنا مقومات الحياة المادية من العلم الدنيوي النافع ومن الثروة والمال ومن القوة الصحية، فهل أبقينا على شيء من قوانا الروحية؟ كلا.. كلا.
كم من المصريين يؤمن بالله حق الإيمان، ويعتمد عليه حق الاعتماد؟...
وكم منهم يعتز بكرامته القومية وعزته الإسلامية؟...
وكم منهم يؤدي الصلوات؟...
وكم من هؤلاء المؤدين يقيمها على وجهها ويتعرف أحكامها وأسرارها؟...
وكم منهم يؤدي الزكاة ويتحرى بها مصارفها والغاية منها؟...
وكم منهم يخشى الله ويتقيه ويبتعد عن المعصية ويتجنب كبائر الإثم والفواحش؟...
يجيبنا الواقع المشاهد عن الأسئلة جميعًا جوابًا يؤلم ويحزن ويحز نفس كل مؤمن غيور.(انتهت تأملات الشهيد حسن البنا)



مقارنة:هل تعتقد أن الوضع اختلف كثيرا فى مصر من عام 1941وحتى الآن..بحسابات النسبة والتناسب؟؟؟؟






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق